عقار “إيبولا” المشكوك في فاعليته علاج لكورونا

بعد ساعات من نشر دورية “نيتشر” دراسة بحثية معملية حول عقاري “ريمسيفير”، ” كلوروكين”، وامكانية استخدامهما في علاج فيروس “كورونا الجديد”، قالت متحدثة باسم مستشفى الصداقة الصيني الياباني في بكين، أن العقار الأول، سيدخل في تجربة سريرية لاختبار فاعليته مع 270 مريضاً يعانون من الالتهاب الرئوي الخفيف والمعتدل الناجم عن الفيروس.

ولم تكشف المتحدثة باسم المستشفى في تصريحات نقلتها وكالة ” بلومبرج نيوز”، أسباب البدء في التجارب السريرية بهذا العقار دون الآخر، ولكن الرجوع إلى تاريخ هذين العقارين يحمل الإجابة.

وعقار “ريمسيفير” الذي سيتم البدء في اجراء التجارب السريرية عليه، تم إنشاؤه في الأساس لمكافحة فيروس سارس ، وتم تجربته مع (ايبولا) ، وتم استخدامه في حالات الطوارئ خلال وباء إيبولا الذي بدأ في عام 2018 جنبًا إلى جنب مع مزيد من التجارب السريرية ، حتى أغسطس 2019 ، عندما أعلن مسؤولو الصحة الكونغوليون أنه غير فعال مقارنة بعلاجات الأجسام المضادة وحيدة النسيلة مثل mAb114) ).

تجارب أجريت على عقار ريمسيفير المثير للجدل

وجاء فيروس كورونا الجديد ليحيي آمال منتجي هذا الدواء في تسويقه، حيث لم يمنح إلى الآن أي موافقة على الاستخدام من قبل أي منظمة معنية بالأدوية في العالم، وهو الأمر الذي يبدو مختلفا عن العقار الآخر ” كلوروكين” المستخدم في علاج الملاريا منذ تم اكتشافه عام 1934 من قبل العالم الإيطالي هانز أندرساج،  وهو مدرج في قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الأساسية، وهي الأدوية الأكثر أمانًا والأكثر فعالية المطلوبة في النظام الصحي.

ولم تقدم مقدمة الدراسة التي نشرتها دورية ” نيتشر” أول من أمس، تفسيرا لأسباب تجربة “ريمسيفير” على الرغم من أنه لم يحظى بموافقة أي جهة بعد، حيث قال  الباحثون أن الطريقة الفعالة لاكتشاف الأدوية تتمثل في اختبار مدى فعالية الأدوية المضادة للفيروسات الموجودة في علاج الالتهابات الفيروسية ذات الصلة.

وقالوا أن الفيروس الجديد ( 2019-nCoV ) ينتمي لنفس عائلة الفيروسات المسببة لسارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وإيبولا، ومن ثم فإن البحث في الأدوية التي تعالج هذه الفيروسات يمثل أحد الخيارات.

والمفارقة الغريبة أنهم اعترفوا بأن فاعلية بعض الأدوية لا تزال مثيرة للجدل مثل “ريمسيفير” و “فافيبيرافير”، إلا أنهم أخضعوها للتجارب مع  خمسة أدوية معتمدة من هئية الدواء والغذاء الأمريكية وهي “ريبافيرين”، “بنسيكلوفير”، “نيتازوكسانايد” ، “نافاموستات” ، “كلوروكين”، ليخرجوا بنتيجة أنهم وجدوا أن الأفضل في علاج الفيروس الجديد عقار معتمد دوليا وهو “كلوروكين” والعقار الآخر الذي لا لم يحصل على الاعتماد وهو”ريمسيفير”.

وخلال الدراسة التي نشرتها دورية ” نيتشر”، ذهب الباحثون إلى أن التجارب المعملية التي أجريت في خط الخلايا البشرية (خلايا الكبد البشرية Huh-7 cells) ، أظهرت حساسية العقارين تجاه فيروس كورونا الجديد.

وإذا كان عقار الكلوروكين يعد عقارًا رخيصًا وآمنًا ويستخدم لأكثر من 70 عامًا ، وبالتالي يمكن أن تكون إجراء تجارب سريرية عليه في علاج الكورونا الجديد، كما قال الباحثون في الدراسة، فلماذا العجلة في اجراء تجارب سريرية على دواء محل جدل؟

الإجابة على هذا السؤال تقودنا إلى مراجعة ما كتب عن هذا الدواء قبل أن يتم اخضاعه للتجارب في الدراسة الصينية، حيث نشرت صحف أمريكية أن العقار أعطى للمريض الأمريكي الأول المصاب بفيروس كورونا ، وهو رجل يبلغ من العمر 35 عامًا في ولاية واشنطن، وأن الالتهاب الرئوي قد تحسن بعد يوم ، مما شجع على إجراء مزيد من الاختبارات للعقار وقدرته على علاج فيروس كورونا.

وبالتزامن مع هذه الأنباء ارتفعت أسهم  شركة “غيلياد ساينسز”، المنتجة لهذا الدواء، بما يصل إلى 13٪ يوم الاثنين، وفق تقرير لوكالة بولمبرج، وأعزت الوكالة هذا الارتفاع إلى تقارير تفيد بإجراء اختبارات بشرية على العقار لعلاج فيروس كورونا الجديد.

ويقول د.عبد الهادي مصباح ، استشاري أمراض المناعة لـ “الشرق الأوسط”، أن التجارب على الأدوية الموجودة بالفعل في السوق هو الطريق الأسهل للتعامل مع الطوارىء الصحية.

وقبل هذه التجارب التي أجريت على هذين العقارين، أجريت تجارب أخرى على دواء من الأدوية المستخدمة في علاج فيروس نقص المناعة البشرية، وهي الأدوية المضادة لانزيم البروتيز، وهو ضروري لتكاثر الفيروس، وأظهرت النتائج فاعليته في علاج مريض بالصين وهونج كونج.

ويضيف: ” في مثل هذه الطوارىء الصحية، لابد من البحث عن أكثر من خيار، ولكن لا أستبعد أيضا أن تكون الأغراض التسويقية حاضرة في دفع الأنظار باتجاه أدوية بعينها”.

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ